فصل: تفسير الآية رقم (2):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الشعراوي



.تفسير الآية رقم (2):

{قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}
قوله: {قَيِّماً} أي: القرآن، وقالوا: قيِّم يعني مستقيم، كأنها تأكيد لقوله: {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} [الكهف: 1] لأن الاستقامة والعِوَج قد لا يُدرك بالعين المجردة وتحتاج إلى ميزان دقيق يكشف لك مدى العِوَج أو الاستقامة، وهذه الظاهرة تراها في الطرق المستوية المرصوفة، والتي تراها للوَهْلة الأولى مستقيمة تماماً ومستوية، فإذا ما نزل المطر فضح هذا الاستواء وأظهر ما فيه من عيوب؛ لذلك أكّد الاستقامة بقوله: {قَيِّماً} [الكهف: 2].
ومن معاني القَيِّم: المهيمن على ما دونه، كما تقول: فلان قَيِّم على فلان أي: مُهيمن عليه وقائم على أمره. فالقرآن إذن لاعِوَج فيه، وهو أيضاً مُهيمن على الكتب السابقة وله الوصاية عليها كما قال تعالى: {وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} [المائدة: 48].
ومنه قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القيم} [الروم: 43] أي: المهيمن على الأديان السابقة.
ثم يقول تعالى: {لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ} [الكهف: 2].
وهذه هي العِلّة في الإنزال.
والإنذار: التخويف بشَرٍّ قادم، والمنْذَر هنا هم الكفار؛ لأنه لا يُنذَر بالعذاب الشديد إلا الكفار، لكن سياق الآية لم يذكرها ليترك مجالاً للملَكَة العربية وللذّهْن أنْ يعملَ، وأنْ يستقبلَ القرآن بفكر مُتفتح وعقل يستنبط، وليس بالضرورة أن يعطينا القرآنُ كلّ شيء هكذا على طرف الثُّمام أي قريباً سهل التناول.
ثم ضَخّم العذاب بأنه شديد، ليس ذلك وفقط بل {مِن لَّدُنهُ}، والعذاب يتناسب مع المعذِّب وقوته، فإنْ كان العذاب من الله فلا طاقة لأحدٍ به، ولا مهربَ لأحد منه.
ثم يقول تعالى: {وَيُبَشِّرَ المؤمنين} [الكهف: 2] والبشارة تكون بالخير المنتظر في المستقبل، وتلاحظ أنه في البشارة ذكر المبشَّر {المؤمنين} ولم يسكت عنهم كما سكت عن الكفار في الإنذار، فهذا من رحمة الله بنا حتى في الأسلوب، والبشارة هنا بالأجر الحسن؛ لأنه أجر من الكريم المتفضّل سبحانه؛ لذلك قال الحق سبحانه بعدها: {مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً}.

.تفسير الآية رقم (3):

{مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)}
أي: باقين فيه بقاءً أبدياً، وكان لابد أنْ يوصَف أجر الله الحسن بأنه دائم، وأنهم ماكثون فيه أبداً؛ لأن هناك فرقاً بين أجر الناس للناس في الدنيا، وأجر المنعِم سبحانه في الآخرة، لقد أَلِفَ الناس الأجر على أنه جُعِل على عمل، فعلى قَدْر ما تعمل يكون أجرك، فإنْ لم تعمل فلا أجرَ لك.
أما أَجْر الله لعباده في الآخرة فهو أجر عظيم دائم، فإنْ ظلمك الناس في تقدير أجرك في الدنيا، فالله تعالى عادل لا يظلم يعطيك بسخاء؛ لأنه المنصِف المتفضّل، وإنِ انقطع الأجر في الدنيا فإنه دائم في الآخرة؛ لأنك مهما أخذتَ من نعيم الدنيا فهو نعيم زائل، إما أنْ تتركه، وإما أنْ يتركك.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَيُنْذِرَ الذين قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً}.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)}
والإنذار هنا غير الإنذار الأول، لقد كرّر الإنذار ليكون خاصاً بقمة المعاصي، إنذار للذين قالوا اتخذ الله ولداً، أما الإنذار الأول فهو لمطلق الكفر والمعصية، وأما الثاني فهو لإعادة الخاص مع العام، كأن لهؤلاء الذين نسبوا لله الولد عذاباً يناسب ما وقعوا فيه من جرأة على الحق سبحانه وتعالى.
وقد أوضح القرآن فظاعة هذه المعصية في قوله: {وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً} [مريم: 88-92].
إنها قمة المعاصي أنْ نخوضَ في ذات الله تعالى بمقولة تتفطر لها السماء، وتنشق لها الأرض، وتنهدّ لهوْلِها الجبال.
ثم يقول الحق سبحانه: {مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ...}.

.تفسير الآية رقم (5):

{مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
فهذه القضية التي ادَّعَوْها، وهذه المقولة التي كذبوها على الله من أين أَتَوْا بها؟ الحقيقة أنهم ادعَوْها ولا علمَ لهم بها، والعلم إما ذاتي، وإما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم وهم لا يملكون شيئاً من هذا ويقولون بأمر لا واقع له؛ لذلك يقول تعالى: {مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ..} [الكهف: 5].
وعدم العلم ينشأ من أمرين: إما أن الشيءَ موجود وأنت لا تعلم به؛ لأنه مستور عنك، وإما لأن الشيء لا وجودَ له أصلاً، وأنت لا تعلم أنه غير موجود؛ لأن غير الموجود لا يمكن أن يتعلق به علم.
وقوله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ..} [الكهف: 5].
{كَبُرَتْ} أي: عَظُمَتْ وتناهتْ في الإثم؛ لأنهم تناولوا مسألة فظيعة، كَبُرَتْ أنْ تخرجَ هذه الكلمة من أفواههم.
{كَلِمَةً} الكلمة قول مُفْرد ليس له نسبة كأن تقول: محمد أو ذهب أو في، فالاسم والفعل والحرف كل منها كلمة مستقلة، والكلمة تُطلَق ويُراد بها الكلام، فالآية عَبَّرتْ عن قولهم: {اتخذ الله وَلَداً} [الكهف: 4] بأنها كلمة، كما تقول: ألقى فلان كلمة. والواقع أنه ألقى خُطْبة.
ومن ذلك قوله تعالى: {حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ رَبِّ ارجعون لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا} [المؤمنون: 99-100] فسمَّى قولهم هذا {كَلِمَةً}.
ومنها قوله تعالى: {قُلْ ياأهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله..} [آل عمران: 64] فسمَّى كل هذا الكلام كلمة.
وقوله تعالى: {تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ..} [الكهف: 5] أي: أن هذه الكلمة كَبُرت لأنها خرجت منهم وقالوها فعلاً، ولو أنهم كتموها في نفوسهم ولم يجهروا بها واستعظموا أن تخرجَ منهم لكانوا في عداد المؤمنين، بدليل أن وفد اليمن حينما أتوْا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله تدور بأنفسنا أفكار عن الله، نتعاظم أن نقولها أي: لا نقدر على النطق بها فقال صلى الله عليه وسلم: «ذاك صريح الإيمان».
إذن: المعيب عليهم أنهم أخرجوا هذه المسألة من أفواههم، وهذا منتهى القُبْح، فالأفكار والخواطر مهما بلغتْ من السوء وكتمها صاحبها لا يترتب عليها شيء، وكأنها لم تكُنْ.
ثم يقول تعالى: {إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً..} [الكهف: 5] أي: ما يقولون إلا كذباً، والكذب أَلاَّ يطابق الكلام واقع الأمر، فالعاقل قبل أنْ يتكلم يُدير الكلام على ذِهْنه ويَعْرضه على تفكيره، فتأتي النسبة في ذِهْنه وينطقها لسانه، وهذه النسبة قبل أن يفكر فيها وينطق بها لها واقع.
فمثلاً حين تقول: محمد مجتهد. قبل أن تنطق بها جال في خاطرك اجتهاد محمد، وهذه تُسمّى نسبة ذِهْنية، فإنْ قلتَ: محمد مجتهد أصبحتْ نسبة كلامية، فإنْ وُجد شَخص اسمه محمد وهو مجتهد فعلاً، فإن النسبة الذهنية الكلامية أصبحتْ نسبة واقعية، والخبر بها خبر صادق.
فإنْ كانت النسبة الكلامية لا واقعَ لها كأنْ لا يوجد شخص اسمه محمد أو وُجِد ولكنه غير مجتهد، فالخبر هنا كاذب. وهذا هو الأسلوب الخبري الذي يحتمل الصدق أو الكذب.
وهناك الأسلوب الإنشائي الذي لا يحتمل الصِّدْق، ولا يحتمل الكذب؛ لأن النسبة الواقعية فيه متأخرة عن النسبة الكلامية كما لو قُلْت: ذاكر دروسك. فواقع هذه العبارة سيحدث في المستقبل؛ لذلك لا يُوصَف الإنشاء بالصدق أو بالكذب.
والتدقيق العلمي يقول: الصدق الحقيقي أنْ تطابقَ النسبة الكلامية الواقع والاعتقاد، فإن اعتقدتَ شيئاً ولم يحدث، فالنسبة كاذبة وأنت غير كاذب؛ لأن هناك فرقاً بين الخبر والمخْبِر.
وهذه المسألة واضحة في قوله تعالى: {إِذَا جَآءَكَ المنافقون قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1].
فقولهم: إنك لرسول الله نسبة صادقة؛ لأنها تطابق الواقع، إنما هل وافقتْ معتقدهم؟ لم توافق معتقدهم؛ لذلك شهد الله أنهم كاذبون؛ لأن كلامهم لم يوافق واقعهم الاعتقادي. أو: لأن التكذيب لم يرد به قولهم: إنك لرسول الله وإنما يُراد به قولهم: نشهد، فالتكذيب للشهادة لأن الشهادة أنْ يُواطِئ القلب اللسان، وهم شهدوا بألسنتهم، ولم تؤمن به قلوبهم.
وهنا لَمّا قالوا {اتخذ الله وَلَداً}، فهذه نسبة كلامية ليس لها واقع، فهي نسبة كاذبة، فقال تعالى: {إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً..} [الكهف: 5].
ثم يُسلِّي الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم لِيُخفِّف عنه ما يلاقي من متاعب وعناد وسَفَه في سبيل الدعوة فيقول تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ..}.

.تفسير الآية رقم (6):

{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)}
ومعنى: {بَاخِعٌ نَّفْسَكَ..} [الكهف: 6] أي: تجهد نفسك في دعوة قومك إجهاداً يُهلكها، وفي الآية إشفاق على رسول الله؛ لأنه حَمّل نفسه في سبيل هداية قومه ما لا يحمله الله ويلزم ما لا يلزمه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فيُعرضوا ويتولَّوْا عنه فيُشيِّع آثارهم بالأسف والحزن، كما يسافر عنك حبيب أو عزيز، فتسير على أثره تملؤك مرارة الأسى والفراق، فكأن رسول الله لحبه لقومه وحِرْصه على هدايتهم يكاد يُهلك نفسه {أَسَفاً}.
والأسف: الحزن العميق، ومنه قَوْلُ يعقوب عليه السلام: {ياأسفى عَلَى يُوسُفَ..} [يوسف: 84] وقوله تعالى عن موسى لما رجع إلى قومه غاضباً من عبادتهم العجل: {فَرَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً..} [طه: 86].
وقد حدّد الله تعالى مهمة الرسول وهي البلاغ، وجعله بشيراً ونذيراً، ولم يُكلّفه من أمر الدعوة ما لا يطيق، ففي الآية مظهر من مظاهر رحمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول الحق سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا...}.

.تفسير الآية رقم (7):

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)}
وكأن هذه الآية تعقيب على سابقتها، وإشارة لرسول الله بأن الدنيا قصيرة، فالمسألة إذن قريبة فلا داعيَ لأنْ يُهلِك نفسه حُزْناً على عناد قومه، فالدنيا لكل إنسان مدة بقائه بها وعَيْشَه فيها، ولا دخلَ له بعمرها الحقيقي؛ لأن حياة غيره لا تعود عليه بشيء، وعلى هذا فما أقصرَ الدنيا، وما أسرعَ انتهائها، ثم يرجعون إلينا فنجازيهم بما عملوا، فلا تحزن ولا تيأس، ولا تكدِّر نفسك، لأنهم لم يؤمنوا.
فقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا..} [الكهف: 7] أي: كل ما على الأرض هو زينة، والزينة هي الزخرف الذي يبرق أمام الأعين فيغريها، ثم يندثر ويتلاشى، وقد أوضح لنا القرآن هذه المسألة في قوله تعالى: {واضرب لَهُم مَّثَلَ الحياة الدنيا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السماء فاختلط بِهِ نَبَاتُ الأرض فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرياح..} [الكهف: 45].
فإياك أنْ يأخذك هذا الزخرف؛ لأنه زَهْر سرعان ما يذبل ويصير حُطاماً.
وقوله: {لِنَبْلُوَهُمْ..} [الكهف: 7] البلاء يعني: الاختبار والامتحان. وليس المصيبة كما يظن البعض؛ لأن المصيبة تكون على مَنْ يخفِق في الاختبار، والابتلاء لهم من الله مع علمه تعالى بأمرهم وما سيحدث منهم مُسْبقاً، ولكن لنعرف معرفة الواقع وشهادة الواقع.
وما أشبه هذه المسألة بالتلميذ الذي يتنبأ له أستاذه بالفشل لما يراه من مقدمات يعرفها عن عقليته وعن اجتهاده والتفاته يحكم من خلالها، فإذا ما دخل التلميذ الاختبار فشل فيه وأخفق، لكن هل يعني هذا أن نلغي الاختبارات في مدارسنا اعتماداً على خبرة المعلم بتلاميذه؟ لابد من الاختبار ليقوم شاهداً واقعياً على مَنْ يخفق.
إذن معنى: {لِنَبْلُوَهُمْ..} [الكهف: 7] أي: بلاء شهادة منهم على أنفسهم.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً}.

.تفسير الآية رقم (8):

{وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)}
الصعيد: هو طبقة التراب التي تظهر على وجه الأرض، ولا نباتَ فيها و{جُرُزاً} هي الأرض الخالية من النبات، وقد يكون بها نبات، إلا أن الجراد أكله أو جاءته جائحة أهلكتْه، يقول تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ المآء إِلَى الأرض الجرز فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27].
وما دام الأمر كذلك والدنيا زُخْرف سرعان ما يزول، فالأجل قريب، فدَعْهم لي أختبرهم، وأُجَازيهم بأعمالهم.
ويقول الحق تبارك وتعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكهف والرقيم كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً}.